قصة قصيرة: إسمنت وفولاذ ... بقلم عائشة خشابة - بستان الإبداع والأدب العربي

اخر الأخبار

اعلان

احصل على القالب من عالم المدون

الأربعاء، 10 مارس 2021

قصة قصيرة: إسمنت وفولاذ ... بقلم عائشة خشابة

 قصة قصيرة:

إسمنت وفولاذ
قصة واقعية مع تغيير بسيط في الشخصيات وليس في الأحداث .
وجدت نفسها يوما يتيمة الأب والأم حيث توفيا في عام واحد، لتكابد وحدها مرارة الحياة ومسؤولية شقيقاتها الأصغر سنا ..
كان لزاما عليها وهي لاتزال في سن المراهقة أن تتحمل مسؤولية أكبر منها ..كان لزاما عليها أن تكبر قبل الأوان .درست بجد رغم الظروف القاسية التي عاشتها لكنها نحتت في الصخر بأظافر الإصرار والعزيمة حتى حققت الحلم واعتبرته هدية منها لروح والديها .. أنهت دراستها ،تخرجت وأصبحت محامية . إفتتحت مكتبا في الدور الثالث بأحد العمارات في حي شعبي كبداية وذلك لغلاء العقارات بالأحياء الراقية..
مرت سنتان على ذلك تزوجت ورزقت بطفلة .كانت كل شيء بالنسبة لها، وهي لاتزال رضيعة كانت تصطحبها إلى المكتب الذي كان عبارة عن شقة مكونة من غرفتين وبهو كبير. الغرفة الأولى إتخدتها مكتبا والثانية جهزتها بسرير للاطفال تضع فيها الصغيرة مع المربية .
وفي يوم من الايام كانت في العمل تراجع الملفات المعروضة أمامها ،تستقبل ما تيسر من الزبناء وبين الفنة والأخرى تتفقد الصغيرة بالغرفة المجاورة. إقتربت الظهيرة حملت الهاتف إتصلت بزوجها تطلب منه الحضور لأخد الصغيرة إلى البيت لأنها ستتأخر قليلا ..
حظر الزوج أخد الطفلة وغادر ..
تابعت عملها بكل نشاط .. أمامها زبون تستمع إليه وتناقشه في ما يخص قضيته وفجأةوفي لمح البصر خسف بهما إلى الأسفل ، فقدت الوعي لوقت غير محسوب إستفاقت بعدها لتجد نفسها محتجزة وسط أكوام من الحجر والطوب والكراسي.. و طعم الغبار والإسمنت في فمها، لم تستطع أن ترى شيء للوهلة الأولى بدأت تتحسس بيدها المكان، لمست قطعة رطبة من اللحم بالقرب منها نزلت بيدها للأسفل لتكتشف أن قطعة اللحم لم تكن سوى ساقها الذي كسر وقطعت أوصاله ليستقر بالقرب منها لم يسعها أن تصرخ من شدت الألم والصدمة .حاولت أن تزحف بجسدها قليلا علها تجد منفذا ،لكن بدون جدوى، فهي الآن تحت الأنقاض ..فجأة سمعت أصواتا بعيدة تقترب شيئا فشيئا..
رأت شعاعا من النور يأتي من الأعلى ، أبناء الحي هرعوا لتقديم أقصى ما بوسعهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل حضور رجال الوقاية المدنيةوالإسعاف إلى المكان.
العمارة بالكامل إنهارت فوق رؤوس من كانوا فيها. عدد كبير منهم لقوا حتفهم والباقي تم إنقاذهم.
أخرجت المحامية من حفرتها وهي تحتضن ساقها المبثورة وتصرخ من الألم ،لكنها كانت تحمد الله في نفسها على سلامة صغيرتها التي نجت ببضع دقائق من الحادثة بأعجوبة بعد أن أخدها الأب إلى البيت .
الغش في البناء حصد ولا زال يحصد أرواح الأبرياء.
إقتصاد في الإسمنت والفولاذ يدفع المواطن ثمنه من دمه وروحه بينما أصحاب الضمائر الميتة والمتعفنة يكدسون الثروات بدون أدنى مسؤولية ..
أما بطلتنا فرحلتها ستطول مع المستشفيات.. ففي كل مرة كانوا يقطعون جزءا من ساقها إلا ويتعفن ليبثروا المزيد منه حتى قطعت الرجل بالكامل فاضطرت في الأخير للسفر إلى بلد أوروبية للإستكمال العلاج .
الآن هي إمرأة معاقة تصارع مشاق الحياة بعد أن خسف بمستقبلها تحت أنقاض الجشع والغش.
بقلم عائشة خشابة



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اعلان

احصل على القالب من عالم المدون