مرسم
_______
كنت اقول دائما أنني لا أحب الرسم حتى وإن كان الأستاذ محمد عليوه قد حاول أن يصنع منى فنانا أطبع كل شئ على الورق كان يقول بلهجة الواثق - جل الذين عرفهم التاريخ من الفنانين التشكيليين كانوا فلاسفة عصرهم - ثم يفتح النافذه المطلة على الباحة ويرمي بعقب السيجار خارجا ويلتفت الي وهو يشبك اصابع يديه ويقول - لابد أن تصنع الجمال داخلك أولا وعندما يملأ جوانحك أنشره للناس دعهم يعرفون -
لا أنكر أنني كلما عدت من المدرسه أجدني أفكر في كلامه طوال الطريق أشق الوادي السحيق ومزرعة الزيتون ومرتفع بن جحا وأطبع المناظر الخلابة في ذاكرتي وقد اشتريت كراس رسم من الحجم الكبير ودونت فيها خربشات لا ترقى لمستوى الفن العظيم الذي يراه الأستاذ عليوه في عيني لكنني كنت أقف دائمآ على الحائط الغربي لمنزلنا القديم وأضع بعد كل حين وحين علامة تظهر لي مدى إرتفاع هامتي عن الارض لان كل أحلامنا وتساؤلاتنا يقابلها الاكبر منا سنا باجابة واحده وهي - ستعرف ذلك عندما تكبر لهذا كنت أريد ان أختصر المسافات لأحصل على ما اريد -
وقفت على الحائط ذات مساء وأمسكت بالفحم الأسود وثبت الإشارة فوق رأسي وقد أسعدني أن هامتي ارتفعت قليلا تركت العلامه وبدأت أرسم ...رسمت وجه حبيبتي التى توارت خلف الحجب رسمت لها شعر جميل ينساب على كتفين رائعين ورسمت لها عيونا مثل البدر ورسمت ثيابها أبهى ما يكون وقد عشقتها مرتين مرة على الارض ومرة على الحائط ثم ابتعدت عن المكان مقدار عشرة خطوات وصرت أنظر إليه من بعيد كانت محاولة جميله قررت بعدها أن أطبع كل هذا الجمال على الورق لكنني لم أستطع حاولت أكثر من مره ولم أفلح وعند منتصف الليل نمت وأنا حزين - لكن الحلم قد راودني رأيت فيما يرى العاشق أن أحد رفاقي في الحي أصبح ساحرا وقد حول الحائط إلى ورقة كبيره حملها معه إلى المدرسه وعرضها على الأستاذ عليوه الذي انبهر بها أيما إنبهار وقد طلب منا الأستاذ أن نصقف له وقد فعلنا وأطلق عليه إسم بيكاسو -
إستيقظت من نومي وفي يقيني أنني خسرت حبيبتي ومستقبلي في ليلة واحده
ليرحمني الله......
على غالب الترهوني
بقلمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق